في اكتشاف أعاد كتابة قواعد الفيزياء الفلكية، كشف فريق من العلماء عن تفسير محتمل للغز الثقب الأسود المستحيل، الذي رُصد في عام 2023 وأثار دهشة المجتمع العلمي.
فقد اندمج ثقبان أسودان هائلان بسرعة تقارب سرعة الضوء، مُنتجين موجات جاذبية رُصدت من مليارات السنين الضوئية، وهو حدث لم يكن من المفترض أن يحدث وفق النظريات الكلاسيكية لتطور النجوم.
ما حير العلماء هو أن كتلة هذه الثقوب السوداء تقع ضمن الفجوة الكتلية المعروفة بين 70 و140 ضعف كتلة الشمس، نطاق كان يُعتقد سابقا أنه مستحيل التواجد فيه نتيجة ظاهرة المستعرات العظمى غير المستقرة، التي تمحو النجوم تمامًا دون ترك أي بقايا.
لكن محاكاة حديثة ومتقدمة أجراها فريق مركز الفيزياء الفلكية الحاسوبية (CCA) بمعهد فلاتيرون قدمت رؤية جديدة.
باستخدام تقنيات محاكاة شاملة لتطور النجوم، تمكن العلماء من دمج تأثير الدوران السريع للنجوم والمجالات المغناطيسية القوية، وهو ما لم يُدرس بهذه الدقة من قبل.
وأوضح الباحث أور غوتليب، المؤلف الرئيسي للدراسة، أن: “إدخال المجالات المغناطيسية في المحاكاة قلب كل الافتراضات السابقة؛ فقد أهمل العلماء هذا العامل في النماذج التقليدية، لكن بمجرد دمجه، يمكننا تفسير أصول هذا الحدث الفريد.”
أظهرت النتائج أن النجوم فائقة الكتلة، التي تتجاوز 250 ضعف كتلة الشمس، بعد استنفاد وقودها وانهيارها الجاذبي، لا تتغذى عليها الثقوب السوداء بالكامل كما كان يُعتقد.
فالأقراص الدوّارة الناتجة عن الانهيار، تحت تأثير المجالات المغناطيسية، طرحت كميات هائلة من المادة إلى الفضاء، أحيانًا بسرعات تقارب سرعة الضوء، مما خفّض كتلة الثقب الأسود الناتج إلى ما يقع ضمن الفجوة الكتلية الممنوعة.
ولم يقتصر دور المجالات المغناطيسية على التحكم بالكتلة فحسب، بل لعبت دورا رئيسيا في ضبط سرعة الدوران. فالمجالات الأقوى قيدت دوران الثقب الأسود وأخرجت المزيد من المادة، في حين سمحت المجالات الأضعف بزيادة كمية المادة الساقطة، مكوّنة ثقوبًا سوداء أكبر وأسرع دورانا ، وفقا لموقع ” dailygalaxy”.
ويشير الباحثون إلى أن هذا الاكتشاف يفتح الباب أمام فهم جديد لنمط كوني محتمل: علاقة بين الدوران، الكتلة، والمجالات المغناطيسية، قد تحدد كيفية تطور الثقوب السوداء عبر الكون. كما قد تُقدّم انفجارات أشعة غاما الناتجة عن هذه الانهيارات أدلة عملية على شيوع هذه الظواهر النادرة.
ويختم غوتليب قائلاً: “ما كان يُعتبر مستحيلاً أصبح الآن ممكنًا، بل ومرجحًا، في ظل الظروف الصحيحة، ما يغيّر فهمنا للثقوب السوداء والفجوات الكتلية التي طالما حيرتنا.”
هذا الاكتشاف يعيد تعريف حدود الفيزياء الفلكية ويمنح العلماء نافذة جديدة لفهم الأحداث الكونية النادرة التي تُشكل الكون الذي نعرفه اليوم.

