نقلت وكالة «بلومبيرغ» أن صناديق سيادية خليجية تسعى إلى الاستحواذ على أسهم شركات خاصة من خلال شركات استثمارية أميركية وغربية، ما يساعد دول المنطقة في تعزيز عقد الصفقات المليارية في 2023 وتأمين مصادر تمويل أخرى بعيدة عن النفط.
وكشفت الوكالة في تقرير أن شركات مثل «كيه كيه آر» و«أي كيو تي» و«بروكفيلد» الاستثمارية تحولت أخيراً إلى دول الخليج لجمع الأموال وعقد صفقات ضخمة، موضحة أن صناديق ثروة سيادية أنفقت 17.2 مليار دولار على استثمارات في الأسهم الخاصة الغربية في النصف الأول، بزيادة %24 عن الفترة نفسها من العام الماضي، وفقاً للمعهد الدولي للصناديق السيادية العالمية.
استحواذات مليارية
وذكرت أن تعاون الشركات الاستثمارية الثلاث مع جهات استثمارية سيادية خليجية يعتبر أمراً معتاداً، موضحة أن جهاز أبوظبي للاستثمار يساهم بما لا يقل عن مليار جنيه إسترليني في عملية استحواذ «أي كيو تي» التي تقدر بـ4.5 مليارات جنيه إسترليني على شركة «ديكرا» للأدوية التي أعلنت في يونيو. كما أعلن مستثمرون في الشرق الأوسط، بمن فيهم «مبادلة» الإماراتية، عن استعدادهم لضخ 1.2 مليار جنيه إسترليني، لاستحواذ «بروكفيلد» على شركة «نتوورك هولدينغز» للمدفوعات بقيمة 2.2 مليار جنيه إسترليني.
وكانت «بلومبيرغ» ذكرت أيضاً الأسبوع الماضي أن «كيه كيه آر» تحاول عقد شراكة مع هيئة أبوظبي للاستثمار، لشراء شبكة الخطوط الأرضية التابعة لشركة «تيليكوم إيطاليا» بقيمة 25 مليار دولار.
ونقلت عن إليزابيت تود الشريكة في «روبس آند غراي» للملكيات الخاصة أن صناديق الثروة السيادية في الخليج يمكنها التحرك استثمارياً بسرعة، ويمكنها التمتع بمرونة، فضلاً عن امتلاكها رساميل ضخمة، ويمكنها أن تصبح مصدراً مفيداً للغاية للرساميل.
أسواق صغيرة
من جهته، أكد مسؤول تنفيذي كبير في أحد الصناديق السيادية العالمية الكبرى تشجيع شركات الاستثمار على متابعة عمليات استحواذ أكبر حتى في أسواق التمويل الصغيرة.
وأضاف أنهم أبدوا استعدادهم لدعم الصفقات بمبالغ أكبر لتقليل العبء عن الشركة التي تنفذ عملية الاستحواذ، مشيراً إلى أن صندوقهم يتطلع إلى المشاركة في مزيد من هذه الصفقات لتحقيق هدفه بتخصيص جزء أكبر من محفظته لشركات الأسهم الخاصة.
وذكرت «بلومبيرغ» أنه في شهر مارس المنصرم وحده شاركت صناديق سيادية عالمية شركات استثمارية بصفقات استحواذ بأكثر من 25 مليار دولار، وفي الشهر نفسه انضم جهاز أبوظبي للاستثمار إلى صفقة استحواذ شركة «بلاكستون» على «سفينت» للبرمجيات بقيمة 4.6 مليارات دولار، وتعاون الجهاز مع شركة «أبولو غلوبال» في صفقة شراء شركة «يونيفار» لتوزيع المواد الكيميائية بقيمة 8.1 مليارات دولار.
وأشارت إلى أن هذا النشاط للصناديق السيادية العالمية يأتي في الوقت الذي تجبر فيه أسعار الفائدة المرتفعة شركات الأسهم الخاصة على اقتراض أقل لتمويل صفقاتها، ما قد يقلل من عوائدها، موضحة أنه في كثير من الأحيان تجني تلك الشركات كثيراً من الأموال بشكل استباقي، أملاً في أن تتمكن من إضافة مزيد من التمويلات في مراحل لاحقة.
وقالت تود إن التمويلات المصرفية غير متاحة بسهولة الآن، وقد يساعد الاستثمار المشترك مع الصناديق السيادية في سد الفجوة لشركات الاستثمار العالمية.
صناديق متعطشة للصفقات
ذكرت «بلومبيرغ» أن الصناديق السيادية العالمية متعطشة لمزيد من الصفقات المربحة، ونظراً لأن جمع الأموال من قطاع الأسهم الخاص أصبح أكثر صعوبة، فإن تلك الصناديق تطالب بوصول مضمون إلى صفقات كبيرة مقابل توفير رساميل لشركات الاستثمار، لافتة إلى أن بعض الصناديق السيادية تذهب إلى أبعد من ذلك، حيث إن ثاني أكبر صندوق سيادي في أبوظبي يعمل على بناء شركة تابعة له لإدارة الأصول تحت اسم «مبادلة كابيتال»، والتي جمعت أموالاً من مستثمرين وتدير أصولاً بنحو 20 مليار دولار، ووافقت في مايو على توسيع عملياتها الاستثمارية من خلال شركة «فورترس» للاستثمار الأميركية.
وأكدت أن أموال الاستثمار المدعومة من الدول تساعد أيضاً شركات الاستثمار في الاحتفاظ بالأصول لفترة أطول وسط بيئة تخارج صعبة.
إستراتيجيات ناجحة
قال جيمس بورديت الشريك في شركة «بايكر آند ماكنزي» للمحاماة إن هناك أيضاً كثيراً من أموال صناديق الثروة السيادية التي يتم توجيهها إلى عمليات استحواذ على أسهم لشركات غير مدرجة في البورصات.
وأضاف: شهدنا صفقات مهمة في قطاع أسهم الشركات الخاصة التي أجرتها صناديق ثروة سيادية من الشرق الأوسط، ومستثمرون سياديون آخرون. وقد اعتمد المستثمرون السياديون لبعض الوقت إستراتيجية استثمارية أكثر نشاطاً، على غرار إستراتيجيات ناجحة نفذها عدد من صناديق التقاعد في أميركا الشمالية خلال السنوات الأخيرة.
القبس