رغم الموقع الاستراتيجي والإطلالة البحرية التي طالما جعلت شاليهات أملاك الدولة في الكويت وجهة مفضلة ومرغوبة للشراء، فإنها تشهد اليوم تراجعاً لافتاً في الأسعار، مدفوعاً بقرارات حكومية غيّرت معادلة الانتفاع والمكاسب، إلى جانب تشديد إجراءات تحصيل المستحقات المتأخرة.
وهذا التراجع يعكس تغيرات أعمق في توجهات السوق العقاري، في ظل تراجع الطلب وزيادة العرض، وسط ترقب المزيد من القرارات التنظيمية المرتقبة، وبينما تسعى الحكومة لتعزيز إيراداتها غير النفطية، يواجه مستغلي الشاليهات واقعاً جديداً قد يعيد رسم خريطة الاستثمار الساحلي في البلاد.
وبين تخوف البعض من تصعيد حكومي إضافي، وآمال آخرين بفرص شراء بأسعار أقل، يقف سوق الشاليهات على أعتاب مرحلة جديدة تعيد طرح أسئلة جوهرية عن مستقبل شاليهات أملاك الدولة، وميزان العدالة بين حق الانتفاع وعوائد الدولة.
وأوضح خبراء وعقاريين أسباب انخفاض أسعار شاليهات أملاك الدولة في ما يلي:
أشار الخبير العقاري، سليمان الدليجان، الى أن هناك حديثاً يدور حول قرب فرض رسوم إضافية على جميع عقارات أملاك الدولة، بما في ذلك الشاليهات وهو يعد أحد أسباب انخفاض أسعار الشاليهات.
وأوضح أن سعر التنازل عن متر شاليهات الواجهة يبلغ حالياً 3 آلاف دينار، وبدأ الناس بمقارنة بين تكلفة التنازل وسعر التملك، فمثلاً إذا كانت واجهة الشاليه 100 متر، فإن رسوم التنازل تبلغ 300 ألف دينار، وهو مبلغ يمكن من خلاله شراء شاليه قسيمة تملك حر ، بخلاف فرق المساحة.
وبين الدليجان أن من الاسباب الاخرى التي أثرت في السوق أيضاً انتهاء الدورة العقارية، أي العقار له دورة طبيعية، حيث يرتفع إلى حد معين ثم يثبت، وشاليهات أملاك الدولة شهدت ارتفاعات كبيرة خلال الفترة الماضية، لافتاً إلى أنه على سبيل المثال، كانت الأسعار في منطقة بنيدر تتراوح بين 40 و60 ألف دينار للمتر قبل جائحة كورونا، ومع زيادة الطلب خلال الجائحة وصلت الأسعار إلى نحو 80 ألف دينار للمتر، أما اليوم فالسوق يشهد حالة من الركود وتراجع بالطلب.
إشاعات تزعزع الثقة
من جانبه، قال المدير التنفيذي لمنصة «بوعقار»، فهد المؤمن: «إن تعديل رسوم التحويل أكثر من مرة، إلى جانب تعديل الرسوم السنوية، ساهم في زيادة حالة التخوف من زيادة الرسوم خصوصاً من قبل الورثة، حيث إن أغلب الورثة يرغبون عن تحمل أعباء مالية إضافية على عقار لا تتم الاستفادة منه بشكل أساسي».
وأفاد بأن القانون يمنح الدولة حق استملاك وسحب الأراضي متى ما اقتضت الحاجة، ما زاد من حذر تجاه شراء عقارات أملاك الدولة بشكل عام والشاليهات بشكل خاص، ولا سيما بعد ما شهدته منطقة الدوحة من سحب الشاليهات بهدف إنشاء مشروع كورنيش الجهراء الحيوي.
وأشار إلى أن بعض المعلومات المتداولة عبر وسائل التواصل الاجتماعي زادت من حالة القلق، خصوصاً الإشاعات التي تحدثت عن صعوبات في تملك الورثة للشاليهات بعد وفاة صاحب الترخيص، مؤكداً أن هذه المعلومة غير دقيقة، لكنها أثرت سلباً في ثقة البعض في السوق.
ولفت المؤمن إلى أن تطور الخدمات في مدينة صباح الأحمد البحرية جذب شريحة كبيرة من الناس نحو الاستثمار هناك، مشيراً إلى أن طبيعة التملك الحر في هذه المنطقة كانت عاملاً أساسياً في تفضيلها على مناطق الشاليهات الخاضعة لقوانين الانتفاع.
حالة من الضبابية
بدوره، قال المدير العام لشركة محمد الصغير: إن حالة من الضبابية تخيم على مستقبل هذا القطاع، وحتى الآن لا مصدر رسمياً أو مسؤولاً صرّح بما هو قادم، ما يفتح الباب أمام الإشاعات ويزيد من حالة الترقب والحذر بين الناس.
وتابع الصغير: ان القرارات الحكومية الأخيرة أربكت السوق بشكل كبير، حيث تم رفع رسوم التحويل على متر الواجهة البحرية من ألف دينار إلى 10 آلاف دينار، قبل أن تتراجع الجهات المختصة لاحقاً وتثبتها عند 3 آلاف دينار، وهذه التغييرات المتسارعة زادت من حالة عدم الثقة بين المستغلين للشاليهات.
وأوضح أن سوق الشاليهات في الأساس لم يكن سوقاً يتمتع بتداولات عالية أو حركة نشطة، مضيفاً أن فترة جائحة كورونا صنعت أرقاماً غير منطقية نتيجة للظروف الاستثنائية، ومع انتهاء الجائحة استوعب العديد المبالغة في الأسعار الذي كان سائداً آنذاك.
وأشار الصغير إلى أن قرار سحب بعض شاليهات الدوحة أخيراً ساهم في تعزيز المخاوف لدى الكثير، خصوصاً في ظل غياب وضوح الرؤية من الجهات المعنية، مما دفع البعض للتفكير جدياً في الخروج من السوق أو التريث قبل اتخاذ أي خطوة جديدة.
وعن حركة الأسعار، أشار الصغير إلى أن أسعار متر الواجهة في منطقة الضباعية كانت قد وصلت في فترة الذروة إلى 50 ألف دينار، لكنها اليوم تراجعت لتتراوح بين 35 و40 ألف دينار. أما في منطقة بنيدر، فقد سجلت الأسعار سابقاً مستويات تراوحت بين 85 و90 ألف دينار للمتر، لكنها انخفضت حالياً إلى نحو 70 ألف دينار. وفي الجليعة، أوضح أن الأسعار التي كانت تبلغ نحو 70 ألف دينار عادت اليوم إلى حدود 60 ألف دينار للمتر الواحد.
القبس