Site icon Q8-Press

توسيع قدرات النقل في آسيا الوسطى ركيزة أساسية للاندماج في الاقتصاد العالمي

بقلم: بهرام توردعلييف

مستشار سفارة أوزبكستان في الكويت

يُعدّ توسيع قدرات النقل الإقليمية في آسيا الوسطى عاملاً أساسياً في دمج الدول في الاقتصاد العالمي.

وتُركّز السياسة الخارجية لأوزبكستان الحديثة على اتخاذ تدابير ملموسة لتعزيز التعاون ذي المنفعة المتبادلة والشراكات متعددة الأطراف طويلة الأمد مع جميع دول العالم وعلى وجه الخصوص، ارتقت علاقات بلادنا مع دول آسيا الوسطى، ذات الجذور التاريخية العريقة والمشتركة، إلى مستوى جديد.

وفي هذا الصدد، يُركّز رؤساء دول آسيا الوسطى على تعميق التعاون وتوطيد العلاقات البناءة ذات المنفعة المتبادلة. ومن الأولويات الخاصة تطوير إمكانات النقل في المنطقة.

وعلى وجه الخصوص، يُتيح تعزيز الشعور بالانتماء والثقة داخل المنطقة، إلى جانب تعزيز ربط وتكامل النقل، فرصاً للتنفيذ المشترك لمشاريع البنية التحتية الاستراتيجية في قطاع النقل.

وبناءً على مبادرة رئيس دولتنا، أُنشئت آليات جديدة للتعاون الإقليمي، منها على سبيل المثال الاجتماعات التشاورية لرؤساء دول آسيا الوسطى.

ومن الجليّ أن هذه المؤسسة قد تطوّرت لتصبح منصة محورية للحوار الإقليمي التعاوني. لقد أثبتت هذه المنصة المهمة أهميتها كآلية فعالة لتوسيع التعاون العملي في مجال النقل والخدمات اللوجستية.

في السنوات الأخيرة، نفذت أوزبكستان عددًا من التدابير لتطوير تعاون النقل مع الدول المجاورة إلى مستوى جديد. منذ عام 2016، انخرطت طشقند في استعادة وتطوير روابط النقل والاتصالات مع الجمهوريات المجاورة.

وبين عامي 2016 و2024، تضاعف عدد الرحلات الجوية بين أوزبكستان ودول آسيا الوسطى تقريبًا، وزاد عدد الركاب بمقدار 2.1 مرة. علاوة على ذلك، تم إنشاء خطوط حافلات ركاب جديدة بين بلدينا، وأُعيد تشغيل الخطوط السابقة. وقد أدى ذلك إلى زيادة كبيرة في عدد هذه الرحلات الجوية بين أوزبكستان والدول المجاورة على مدى السنوات الثماني الماضية.

وكان من التطورات المهمة افتتاح خط سكة حديد تركمان آباد-فاراب وجسور الطرق عبر نهر آمو داريا بين أوزبكستان وتركمانستان في عام 2017، وكان افتتاح خط سكة حديد غالابا-أموزانغ عام 2018، الذي يربط منطقتي سورخاندريا وخاتلون في أوزبكستان وطاجيكستان، حدثًا هامًا في تاريخ المنطقة.

يُوجَّه 42.5% من صادرات وواردات الجمهورية من البضائع (9.3 مليون طن) إلى الدول المجاورة (كازاخستان – 6.8 مليون طن، قيرغيزستان – 1.5 مليون طن، طاجيكستان – 0.6 مليون طن، أفغانستان – 1.3 مليون طن، وتركمانستان – 0.4 مليون طن). أما النسبة المتبقية، البالغة 57.5% (12.6 مليون طن)، فتُنفَّذ عبر ممرات النقل الدولية مع دول أخرى.

تحدد استراتيجية “أوزبكستان-2030″، التي أقرها رئيس أوزبكستان، أهدافًا محددة لتعزيز التعاون العملي في آسيا الوسطى، لا سيما من خلال تعزيز التعاون الإقليمي في قطاع النقل والاتصالات.

تلعب في الوقت الحاضر، الدول المجاورة دورًا فعالًا في دعم مشاريع النقل والعبور في أوزبكستان. سيساهم تنفيذ هذه المشاريع في زيادة جاذبية آسيا الوسطى كمركز عبور للممرات الدولية بين الشرق والغرب والشمال والجنوب.

وتشمل هذه المشاريع تطوير ممرات النقل متعدد الوسائط “الصين – آسيا الوسطى – القوقاز – أوروبا”، و”بيلاروسيا – روسيا – كازاخستان – أوزبكستان – أفغانستان – باكستان”، و”أوزبكستان – تركمانستان – إيران – تركيا”، بالإضافة إلى إنشاء خطوط السكك الحديدية “الصين – قيرغيزستان – أوزبكستان” و”أوزبكستان – أفغانستان – باكستان”.

وستوفر هذه المشاريع لدول آسيا الوسطى أقصر وصول إلى موانئ المحيط الهندي، وستُنشئ رابطًا بين جنوب آسيا وأسواق آسيا الوسطى وروسيا والصين وأوروبا. وسيكون لتنفيذ هذه التدابير تأثير كبير على إمكانات النقل العابر لدول آسيا الوسطى.

ومن المهم الإشارة إلى أن التعاون في قطاع النقل له أهمية استراتيجية لجميع دول آسيا الوسطى. من هذا المنظور، تواصل أوزبكستان، بدعم من دول آسيا الوسطى وأقرب شركائها، سعيها الحثيث نحو دبلوماسية النقل.

سيُسهم هذا في مواءمة المشاريع الوطنية في المنطقة مع ممرات النقل الدولية بين الشمال والجنوب والغرب والشرق، ويرسّخ مكانة آسيا الوسطى كحلقة وصل مهمة في الربط بين المناطق.

إلى جانب إنشاء البنية التحتية، من المهم تضافر الجهود لتنسيق ورقمنة إجراءات التخليص الجمركي والمعابر الحدودية. ومن الواضح أن هذا سيُحدث تأثيرًا إيجابيًا على ربط النقل.

كما تؤكد أوزبكستان على أهمية رقمنة وتبسيط الإجراءات الجمركية، حيث اعتمدت مع كازاخستان نظام التبادل الإلكتروني للبيانات، وأنشأت نماذج رقمية عبر منصة E-PERMIT، ونجحت في اختبار نظام TIR الرقمي الذي يتيح عبور الشاحنات الحدود بسهولة مع كازاخستان وقيرغيزستان وطاجيكستان، مع خطة لتطبيقه قريباً مع تركمانستانلطالما كانت منطقة آسيا الوسطى جسرًا فريدًا يربط أوروبا والشرق الأوسط وجنوب وشرق آسيا. واليوم، نرى فرصًا عظيمة واحتياطيات غير مستغلة لمواصلة تطوير روابط النقل بين بلداننا ودول آسيا الوسطى والمناطق الأخرى.

سيسمح التعاون في بناء نظام نقل واتصالات شامل بالاستفادة الكاملة من إمكانات النقل والعبور في آسيا الوسطى للأسباب التالية:

أولًا، وفقًا لتقديرات الأمم المتحدة، سيزداد الطلب العالمي على نقل البضائع ثلاثة أضعاف بحلول عام 2050. ويمثل هذا التوجه مشكلة خطيرة للدول غير الساحلية في آسيا الوسطى.

ثانيًا، ووفقًا لبيانات مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد)، فإن منتجات الدول غير الساحلية غائبة تقريبًا عن أسواق التجارة الدولية، وتمثل هذه الدول أقل من 1% من الصادرات العالمية.

في دول آسيا الوسطى، تُمثل تكاليف نقل البضائع 50% من التكلفة النهائية للسلع، وهو ما يزيد بنحو خمسة أضعاف عن المتوسط ​​العالمي.

وفي هذا الصدد، تقترح أوزبكستان التدابير التالية بهدف تعزيز إمكانات النقل في دول آسيا الوسطى:

– وضع آليات محددة لتعزيز ممرات نقل فعّالة مع تطبيق تعريفات جمركية موحدة تُسهّل على الشركات دخول أسواق الصين وجنوب آسيا والشرق الأوسط والاتحاد الأوروبي.

– وضع استراتيجية نقل منسقة لدول منطقتنا.

يتطلب الأمر إنشاء منصة رقمية متكاملة للنقل الدولي.

مما لا شك فيه أن تنفيذ هذه المبادرات سيكون عونًا هامًا في حل المشكلات الملحة التي تواجه كل دولة في آسيا الوسطى. ونحن ملتزمون بتعزيز ومواءمة الإجراءات الجمركية وغيرها على طول طرق النقل الدولية العابرة لحدود بلداننا. سيتم التوصل إلى توافق في الآراء بشأن أكثر النُهُج شيوعًا لإنشاء نظام نقل واتصالات موثوق، بهدف تسهيل الوصول إلى الأسواق والموانئ البحرية الدولية الرئيسية.

ووفقًا لتقديرات خبراء الأمم المتحدة، فإن حل جميع القضايا المتعلقة بضمان وصول البضائع إلى الموانئ البحرية العالمية يمكن أن يزيد الناتج المحلي الإجمالي لدول آسيا الوسطى بمقدار الضعف على الأقل في غضون 10 سنوات.

وفي الدورة الخامسة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، أكد رئيس جمهورية أوزبكستان، شوكت ميرضيائيف، أن دول آسيا الوسطى تواجه حاليًا تحديًا استراتيجيًا كبيرًا في ضمان التكامل العميق للسوق الإقليمية في الممرات الاقتصادية والنقلية والعبورية العالمية. وفي هذا الصدد، قُدِّم اقتراح لإنشاء مركز إقليمي لتطوير النقل والاتصالات تحت رعاية الأمم المتحدة.

وفي إطار أنشطة المركز الإقليمي، من الممكن تحقيق النتائج المخطط لها بالكامل من حيث تفعيل ممرات النقل الحالية وإنشاء ممرات جديدة. وهذا سيضمن اندماج المنطقة العميق في نظام النقل الدولي. سيُسهّل المركز الإقليمي توسيع نطاق التعاون الفعّال والمفيد للطرفين في قطاع النقل، مما يضمن نموّ حجم التجارة ويخدم بلا شك مصالح دول آسيا الوسطى.

أصبح التعاون في مجال النقل والخدمات اللوجستية بين أوزبكستان ودول آسيا الوسطى اليوم عاملاً هاماً في النمو الاقتصادي المستدام، وتوسيع حجم التجارة، والتكامل الجيواقتصادي في المنطقة.

ويجري تنفيذ مشاريع واسعة النطاق في المنطقة لتحديث شبكات النقل البري والسكك الحديدية والجوي ومتعدد الوسائط، وتنويع تدفقات النقل الدولي على طول ممرات مثل ممر بحر قزوين، وممرّ أفغانستان، وممرّ الصين-قيرغيزستان-أوزبكستان، وممرّ الشمال-الجنوب.

وفي هذه العمليات، تلعب أوزبكستان، بصفتها إقليماً جيوستراتيجياً مركزياً، دوراً محورياً من خلال اقتراح مبادرات رئيسية لمواءمة البنية التحتية للنقل مع الدول المجاورة، وهي كازاخستان وتركمانستان وطاجيكستان وقيرغيزستان.

وتشمل هذه المبادرات رقمنة إجراءات الجمارك والحدود، بهدف خفض تكاليف الشحن.

ويخلق هذا فرصاً لإنشاء مركز لوجستي موحد في المنطقة، وبالتالي تعزيز قدرات التصدير والاستيراد وتعزيز القدرة التنافسية للمنطقة في شبكات التجارة العالمية.

Exit mobile version