بقلم – طارق يوسف الشميمري
سيصل رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة سعادة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والوفد المرافق له إلى الكويت اليوم 10 نوفمبر في زيارة دولة.
خلال الزيارة، سيعقد رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة محادثات رسمية مع صاحب السمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح وسيناقش الأميران العلاقات الأخوية طويلة الأمد بين بلديهما وستركز المناقشات على مختلف مجالات التعاون لا سيما في القطاعات الاقتصادية والاستثمارية والإنمائية، فضلا عن المجالات الرئيسية الأخرى التي تدعم رؤيتهما المشتركة لتحقيق النمو والازدهار لشعبيهما وتعزيز السلام والاستقرار في المنطقة.
دولة الكويت ودولة الإمارات العربية المتحدة تشترك في رابطة صداقة فريدة من نوعها مبنية على الروابط الاجتماعية والثقافية بين شعبي البلدين على مر القرون وهويتهم الدينية والعربية المشتركة ووجهات النظر المشتركة حول القضايا الإقليمية والدولية وقد تعززت هذه العلاقة عندما أصبحت دولة الكويت واحدة من أوائل البلدان التي اعترفت بالإمارات العربية المتحدة التي تشكلت حديثا في ديسمبر 1971، في العام التالي افتتحت دولة الإمارات العربية المتحدة سفارتها في الكويت، وتم الرد على ذلك مع افتتاح السفارة الكويتية في أبوظبي في عام 1972.
يمكن إرجاع الكثير من الفضل في العلاقات القوية القائمة بين دولة الكويت ودولة الإمارات العربية المتحدة إلى الاجتماع الأول للأب المؤسس لدولة الإمارات العربية المتحدة الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مع أمير الكويت الراحل صاحب السمو الشيخ جابر الأحمد الصباح في عام 1973 وتم الحفاظ على التضامن والصداقة بين البلديين من قبل رؤساء دولة الإمارات المتعاقبين من الشيخ خليفة إلى الشيخ محمد وأمراء الكويت السابقين رحمهم الله الي صاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد الصباح .
تم تعزيز رابطة الصداقة بشكل أكبر خلال غزو القوات العراقية واحتلالها لدولة الكويت في الفترة 1990-1991 وفتحت دولة الإمارات العربية المتحدة أبوابها على الفور لآلاف الكويتيين النازحين من القوات العراقية ، ثم انضمت دولة الإمارات العربية المتحدة إلى التحالف الدولي لتحرير دولة الكويت وأرسلت قوات وطائرات للانضمام إلى حرب تحرير دولة الكويت واذ نستذكر الجنود الإماراتيين الذين فقدوا أرواحهم في الحرب من أجل تحرير دولة الكويت والتي تبغى ذكراهم محفورة إلى الأبد في قلوب المواطنين الكويتين.
انتقلت العلاقات بين البلدين من قوة إلى أقوى في مختلف المجالات على مدى العقود التي تلت استقلال كلا البلدين، وحتى قبل ذلك ففي عام 1952، بعد زيارة إلى إمارة الشارقة المنفصلة آنذاك من قبل أمير الكويت الراحل الشيخ عبد الله السالم الصباح والتى تم إرسال بعثة تعليمية إلى هناك لدعم التعليم في الإمارة وأعقب ذلك بعثة طبية في عام 1962، في وقت كانت فيه المستشفيات والرعاية الطبية لا تزال في مهدها في الإمارات السبع في حين أنشأ تلفزيون الكويت محطة في إمارة دبي في عام 1969.
في عام 2006 تم إنشاء لجنة مشتركة للتعاون الثنائي بين دولة الإمارات العربية المتحدة ودولة الكويت، اجتمعت لأول مرة في مدينة الكويت وبعد ذلك بعامين في أبو ظبي وشهدت الاجتماعات اللاحقة منذ ذلك الحين العديد من الاتفاقات ومن التدريب الدبلوماسي والتعاون الصناعي إلى الثقافة والفنون ، ومذكرة تفاهم للتعاون في مجال النفط والغاز والطاقة المتجددة في عام 2014 وشهد العام التالي الدورة الأولى للجنة القنصلية لاستكشاف مجالات الدبلوماسية المشتركة ويسعى برنامج الدراسات الدولية الذي طوره كلا البلدين إلى تشجيع الطلاب على اختيار الكليات والجامعات داخل دول مجلس التعاون الخليجي بدلا من الدراسة في الخارج.
عززت الزيارات رفيعة المستوى بين البلدين العلاقات وعلى وجه الخصوص، أبرزت الزيارة الأخيرة التي قام بها صاحب السمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح إلى دولة الإمارات العربية المتحدة في مارس من هذا العام على قوة العلاقات الثنائية وتوجت ببيان مشترك يؤكد التزامهم بتعزيز التعاون من أجل المنفعة المتبادلة.
خلال تلك الزيارة منح الشيخ محمد بن زايد آل نهيان صاحب السمو الشيخ مشعل الاحمد الجابر الصباح وسام زايد خلال زيارته الرسمية لدولة الإمارات العربية المتحدة، مما يعكس العلاقات القوية بين البلدين وجهود صاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح لبناءها بشكل أكبر وعلى وجه الخصوص، أشاد بعمل الشيخ مشعل لبناء التضامن بين أعضاء مجلس التعاون الخليجي، الذي كان كلا البلدين عضوين فيه منذ تأسيسه في أبو ظبي في عا م 1981.
بالإضافة إلى ذلك قام ولي عهد دبي ونائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع، الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم بزيارة رسمية إلى دولة الكويت في 8 أكتوبر 2024 بعد زيارة قام بها الشيخ فهد يوسف سعود الصباح النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع ووزير الداخلية في دولة الكويت إلى دولة الإمارات العربية المتحدة.
في تصريحاته قبل زيارة الرئيس الإماراتي إلى دولة الكويت، أكد القنصل العام للبلاد في دبي السفير علي الذايدي على أهمية الزيارة القادمة قائلا إنها ستضيف قوة إلى العلاقات اللامعة الطويلة بين البلدين.
وأضاف أن العلاقات بين دولة دولة الإمارات العربية المتحدة ودولة الكويت مثالية وأن المواطنين في كلا البلدين يشتركون في وجهات نظر متشابهة عندما يتعلق الأمر بتعزيز العلاقات في جميع المجالات الممكنة وذكر كذلك أن الرئيسان سيناقشان أيضا التطورات الأخيرة في الشرق الأوسط بالإضافة إلى التحديات الإقليمية التي تتطلب التنسيق للتغلب عليها.
بالإضافة إلى الروابط القوية على مستوى القيادة وتشمل العلاقات بين البلدين بمختلف المجالات بما في ذلك التعاون السياسي والاقتصادي والتجاري والعسكري والأمني والثقافي والتعليمي مما يثمر عن عشرات الاتفاقيات ومذكرات التفاهم المشتركة وتجسد اللجنة العليا المشتركة الإماراتية الكويتية التزام البلدين بتعزيز العلاقات الثنائية والنهوض بالتعاون والتنسيق في بمختلف المجالات.
بلغ التبادل التجاري غير النفطي بين البلدين 13 مليار دولار أمريكي في عام 2022 بقيادة الذهب والمجوهرات وتعد دولة الإمارات العربية المتحدة أكبر وجهة في العالم للصادرات الكويتية غير النفطية، حيث تمثل 22 في المائة من إجمالي صادرات الكويت وتحتل دولة الإمارات العربية المتحدة أيضا المرتبة الثالثة بين أهم أسواق الاستيراد لدولة الكويت بعد الصين والولايات المتحدة.
وقال نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الشيخ عبد الله بن زايد، في سبتمبر خلال افتتاح السفارة الكويتية الجديدة في العاصمة أبوظبي“شهدت تجارتنا الثنائية غير النفطية نموا كبيرا في السنوات الأخيرة حيث وصلت إلى أعلى مستوياتها في التاريخ في عام 2023، حيث تجاوزت القيمة الإجمالية 12 ملياردولار”.
تستثمر أكثر من 50 شركة كويتية الآن في دولة الإمارات العربية المتحدة، في حين زار أكثر من 400,000 سائح كويتي دولة الإمارات العربية المتحدة في عام 2023 – أي ما يقرب ضعف العام السابق وفي الاتجاه الآخر، زار حوالي 50000 إماراتي الكويت العام الماضي حيث تستضيف البلاد الآن أكثر من 130 شركة إماراتية.
في سبتمبر من هذا العام، تلقت العلاقات التجارية بين دولة الكويت ودولة الإمارات العربية المتحدة دفعة أخرى مع إصدار قانون اتحادي جديد من قبل رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الذي أصدر مرسوما بمعاملة مواطني دول مجلس التعاوني الخليجي بنفس الطريقة التي يعامل بها مواطنو دولة الإمارات العربية المتحدة عند ممارسة الأنشطة والمهن الاقتصادية في الدولة.
شهد هذا التركيز على تجارة البناء عددا من الاتفاقات الرئيسية في عام 2024. ففي الاجتماع الخامس للجنة العليا المشتركة الإماراتية الكويتية في أبوظبي في سبتمبر الماضي، تم التوقيع على ما لا يقل عن ثماني مذكرات تفاهم تغطي مجالات تشمل الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والتعليم والرياضة والأمن السيبراني والدفاع والثقافة.
وصف الشيخ عبد الله بن زايد الاتفاقيات بأنها تجسد “عمق العلاقات الأخوية بين البلدين”وتعكس التعاون في مجال الثقافة والتعليم العلاقات الوثيقة والقواسم المشتركة بين البلدين وشعبيهما وقعت دولة الإمارات العربية المتحدة ودولة الكويت العديد من الاتفاقيات الثنائية في مجال الثقافة والتعليم والفنون، بهدف تبادل الخبرات وتعزيز التعاون لصالح كلا البلدين وبلغ عدد الطلاب الكويتيين الذين يدرسون في الجامعات الإماراتية 1725 طالبا، وأصدرت الكويت قرارات تشجع المزيدمن الطلاب على الدراسة في دولة الإمارات العربية المتحدة مما سيساهم في تعزيز التعاون التعليمي.
في قطاع السياحة، تجاوز عدد السياح الكويتيين المقيمين في فنادق الإمارات العربية المتحدة في 2023 عدد 381,000 سائحا مقارنة ب 250,000 في عام 2022 في حين بلغ عدد السياح الإماراتيين في الكويت من يناير إلى سبتمبر عدد 2024 42,236. وقد قامت شركات الطيران الوطنية بتشغيل 122 رحلة أسبوعية إلى دولة الكويت خلال النصف الأول من هذا العام، في حين بلغ إجمالي الرحلات الجوية من دولة الكويت إلى دولة الإمارات العربية المتحدة 53 رحلة أسبوعيا.
يحرص كلا البلدين على الحفاظ على تنسيق رفيع المستوى بشأن جميع القضايا الثنائية والعربية والدولية التي تخدم مصالحهما المتبادلة وتعزز وحدة وتماسك البيت الخليجي وإنهم يشتركون في رؤية واحدة للسلام والاستقرار في المنطقة ويعززون بنشاط الحوار الدبلوماسي، ويدعون إلى الوسائل الدبلوماسية لحل النزاعات الإقليمية، والالتزام بالقانون الدولي ومنع المزيد من التصعيد في المنطقة وكما يشترك البلدان في دور مهم في دعم الحلول السلمية للصراعات الحالية في المنطقة بالتعاون مع المجتمع الإقليمي والدولي.
تواصل دولة الإمارات العربية المتحدة ودولة الكويت توسيع التعاون والشراكة الاقتصادية بينهما واغتنام الفرص المتاحة في كلا البلدين، واستكشاف الآفاق الاقتصادية في ضوء رؤية “نحن الإمارات 2031” و”رؤية الكويت 2035” ويدرك كلا البلدين أهمية التعاون الاقتصادي والتجاري المشترك والحاجة إلى تعزيزه من خلال زيادة التبادل التجاري وتعزيز العلاقات الاقتصادية في القطاعات الصناعية والتجارية والاستثمارية.
يمكن تحديد عمق واتساع العلاقات بين دولة الكويت ودولة الإمارات العربية المتحدة من خلال كلمات نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية الشيخ عبد الله بن زايد والذي قال: “أكثر ما يميز العلاقات الإماراتية الكويتية، وتطورها المستمر هو الروابط الاجتماعية والثقافية التي توحد الشعبين الشقيقين بما في ذلك روابط الأخوة والصداقة والتراث المشترك والتاريخ والقيم المشتركة”.